ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

ضرورة الثبات أمام الأزمات والمصائب

23:38 - April 28, 2024
رمز الخبر: 3495475
بيروت ـ إکنا: كل الأزمات والمصائب قابلة للإفادة منها، وقابلة لتحويلها بالاتجاه الذي يعود بالنفع عليك في مستقبلك، المهم هو الثبات أمامها، والكشف عن أسبابها، والتعلم منها، ثم الانطلاق للإفادة منها.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "كُلُّ شَيْءٍ فيهِ حيلَةٌ إِلاَّ الْقَضاءَ".
 
كل ما تواجهه من أحداث ومصاعب ومصائب وأزمات عليك أن تواجهه بوعي وذكاء وحنكة وصبر وثبات، كي تنجو منه إن أمكنك النجاة، أو تعبره بأقل الخسائر، أو تحتال عليه فتحوِّل تهديده إلى فرصة، هكذا يفعل الأذكياء الناجحون، إنهم يواجهون أزماتهم بوعي، ويتعلمون من مواجهتها كيف يواجهون غيرها، ويراكمون الخبرة على الخبرة، حتى إنهم ليجدون فيها فرصة ونعمة في الوقت الذي يرى فيها الآخرون بلية ونقمة.
 
كل الأزمات والمصائب قابلة للإفادة منها، وقابلة لتحويلها بالاتجاه الذي يعود بالنفع عليك في مستقبلك، المهم هو الثبات أمامها، والكشف عن أسبابها، والتعلم منها، ثم الانطلاق للإفادة منها.

هذا ما يريد الإمام أمير المؤمنين (ع) أن يبينه لنا بقوله: "كُلُّ شَيْءٍ فيهِ حيلَةٌ إِلاَّ الْقَضاءَ".

فالحيلة: القدرة على دقَّة التصرُّف، والحِيلَةُ من التَّحَوُّلِ لأَنَّ بها يتحَوَّلُ المرء من حالٍ إِلى حالٍ بنوع تَدْبيرٍ ولطْفٍ، يَحِيلُ بها الشيءَ عن ظاهِرِهِ. ولذا يقال "الحِيلَة أبلغ من الوسيلة".

فكل الأمور يمكن أن يُحتالَ لها، يمكن تحويلها من تهديد إلى فرصة، من نقمة إلى نعمه، إلا القضاء المُبرم فإنه لا حيلة معه ولا رادَّ له، فما قضاه الله كائن حتماً إذا تكاملت جميع أسبابه وعِلَلِهِ، إذ يستحيل أن توجد العِلَّة التامة ثم لا يوجد معلولها، كما يستحيل أن تستعر النار دون أن تكون محرقة، فالقضاء كذلك.

إن الله تعالى إذا قضى على أحد أن يموت في يوم كذا وساعة كذا، وبطريقة كذا، ثم تكاملت كل الأسباب وتهيأت كل الظروف فسيموت ذلك الشخص في الوقت وبالطريقة التي قدَّرها الله وقضاها.

لا يعني ذلك أن الله تعالى يقضي على الإنسان، كيفما اتفق، أو يختار لهذا الشخص قضاءً ولذلك الشخص قضاءً كمن يُقرِع بين اثنين أو جماعة فمن خرج اسمه أولاً له كذلك، ومن خرج اسمه ثانياً له كذا. كَلّا. الأمر ليس كذلك، لو كان القضاء بهذا الشكل لكان فيه شائبة ظلم، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل إن الله تعالى حين يُقَدِّر ويقضي على الشخص أو الجماعة يأخذ بعين الاعتبار إرادته واختياره وظروفه وقدرته على التعامل معها، وعندما أقول: يأخذ بعين الاعتبار.. لا أريد من ذلك أن يكون تعالى مُجبراً عليه، حاشاه، بل إنه تعالى أقام الكون كله على قانون السببية والعليَّة، أي جعل لكل مُسَبَّبٍ سَبَباً، فهو سبحانه باعتباره محيطاً بخلقه عليماً خبيراً بهم يعلم أن فلاناً سيكون في الظرف الفلاني، وتحيط به الأسباب الفلانية، وسيأخذ هو القرار الفلاني، فيقضي عليه، حتى تلك الأحداث التي تقع خارج إرادته تمام، كما لو حدث زلزال أو إعصار أو سيل أو بركان، فإرادة الإنسان وتفكيره وطريقة تفاعله مع الأحداث تساهم بفعالية فيما يُقَدَّر له ويُقضى عليه. 

إيضاحاً للفكرة المتقدمة إليك الحديث التالي: رُوِيَ أن الإمام أمير المؤمنين (ع) مَرَّ يوماً تحتَ حائط مائل يكاد أن يقع فأسرع في المَشي، فقيل له: أَتَفِرُّ يا أمير المؤمنين من قضاء الله تعالى؟ فقال (ع): "نَعَمْ أَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اَللَّهِ إِلَى قَدَرِهِ" فما دام القضاء لم يقع فيمكن الحيلة في الأمر، بل يجب على المَرء أن يحتال ويتصرف بوعي وذكاء ويتلافى النتائج السلبية المحتومة وحتى المُحتَمَلة، وليس له أن يستسلم للقضاء قبل وقوعه، ولو فعل لكان مُخطِئاً، وهذا اللون من التفكير شديد السلبية، فهَبْ أننا اليوم استسلمنا لهذا اللون من التفكير وقُلنا: قد قضى الله لأعدائنا أن يحتلّوا أرضنا، أو قضى الله للحاكم الطاغي الظالم أن يحكمنا، وعلينا أن نقبل بقضاء الله، إذاً لن تتحرَّر أرضنا، وسنعيش تحت نير الظلم والاستبداد ما عِشنا وعاشت أجيالنا الآتية.

إذاً هناك نحو من القضاء وهو القضاء المخروم يمكننا تغييره، بل يجب أن نغّيِّرَه، بالوسائل الممكنة مادية كانت أم معنوية وذلك أضعف الإيمان، ولهذا جاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "إن الدُّعَاءَ يَرُدُّ القَضَاءَ وَقَدْ نَزَلَ مِنَ السَّماءِ، وقَدْ أُبْرِمَ إِبراماً" نعم هناك قضاء يجب أن نستسلم له ونرضى به وهو القضاء المحتوم، كما لو مات لنا قريب أو عزيز، أو وقعت خسارة، أو حدث حادث أو سوى ذلك. 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
 
captcha